
خلال ندوة سياسية في منظمة التحرير عقدتها دائرة حقوق الإنسان والمجتمع المدني في منظمة التحرير ومنتدى فلسطين وجامعة القدس
تعزيز حضور الفكر والرواية الفلسطينية.. ضرورة لمواجهة الفكر الصهيوني وآثاره الاستعمارية
نظّمت دائرة حقوق الإنسان والمجتمع المدني في منظمة التحرير الفلسطينية، بالشراكة مع منتدى فلسطين وجامعة القدس، ندوة سياسية فكرية بعنوان:
"الفكر الفلسطيني في مواجهة الفكر الصهيوني وآثاره الاستعمارية"، وذلك في مقر منظمة التحرير برام الله، بحضور شخصيات سياسية وأكاديمية وثقافية بارزة، ومشاركة نوعية عبر تقنية "زوم".
وهدفت الندوة إلى تسليط الضوء على ضرورة إعادة الاعتبار للفكر الفلسطيني التحرري في مواجهة الفكر الصهيوني الذي تأسس كحركة استعمارية إحلالية قائمة على العنصرية والتطهير العرقي.
وكيل دائرة حقوق الإنسان: العمل التراكمي والوعي القانوني سبيل لملاحقة مجرمي الحرب
استُهلت الندوة بكلمة ترحيبية من قبل وكيل دائرة حقوق الإنسان والمجتمع المدني في منظمة التحرير الفلسطينية، الأستاذ قاسم عواد، الذي رحّب بالحضور باسم عضو اللجنة التنفيذية للمنظمة ورئيس الدائرة أحمد سعيد التميمي، وأكد عواد على أهمية العمل التراكمي المنهجي في مواجهة الفكر الصهيوني على مختلف المستويات، لا سيما في الحقل القانوني، باعتباره أحد ميادين النضال الأساسية.
وأشار إلى أن مواجهة الفكر الصهيوني لا تقتصر على الجوانب التاريخية والثقافية، بل تمتد لتشمل النضال القانوني والسياسي والإعلامي، داعيًا إلى تعزيز حضور الخطاب القانوني الفلسطيني في المحافل الدولية، وتوثيق الجرائم التي يرتكبها الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني.
ونقل عواد تأكيدات فخامة الرئيس محمود عباس على ضرورة الاستمرار في العمل لرفع مستوى الوعي والمعرفة والنضال القانوني على كافة الأصعدة، بما يضمن ملاحقة مجرمي الحرب من قادة الاحتلال الإسرائيلي، وعدم إفلاتهم من العقاب، في ظل ما يتعرض له الشعب الفلسطيني من جرائم إبادة وتطهير عرقي واستيطان ممنهج.
د. فيصل عرنكي: دعم الغرب للصهيونية قائم على المصلحة الاقتصادية المغلّفة باللاهوت
تحدّث في الندوة الدكتور فيصل عرنكي، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، حيث قدّم قراءة تحليلية عميقة في جذور الدعم الغربي للمشروع الصهيوني. وأوضح أن الغرب لم يدعم قيام "إسرائيل" بدافع ديني بحت، بل وظّف اللاهوت المسيحي الصهيوني كغطاء لأطماع اقتصادية واستعمارية.
وقال: "إن المشروع الصهيوني أُنشئ في فلسطين كمصلحة استراتيجية للغرب، تمت تغطيتها بسردية دينية زائفة، تربط بين الأرض والسماء زورًا، لتبرير الاستعمار والنهب المنظم لموارد الشعوب". واعتبر أن العقلية الأنجلوساكسونية، التي تقود الغرب، تستخدم الدين كأداة سياسية، والسياسة بدورها كأداة لخدمة الاقتصاد.
وأضاف أن مسؤوليتنا كفلسطينيين هي كشف هذه التركيبة الزائفة، وتعريتها أمام الشعوب، لا سيما في الغرب، التي تتعرض لخداع إعلامي وديني يصوّر "إسرائيل" كضحية، بينما هي رأس حربة استعمارية في قلب المنطقة.
منيب المصري: إدراج الرواية الفلسطينية في المناهج ضرورة استراتيجية
في مداخلة عبر تقنية "زوم"، أكد منيب رشيد المصري، رئيس منتدى فلسطين، أن مواجهة المشروع الصهيوني لا تكتمل دون بناء منظومة وعي وطني شاملة، تبدأ من التعليم وتنتهي في الفعل السياسي والثقافي والمجتمعي. وقال: "لا يمكن لفكر أن يصمد أمام فكر إلا إذا كانت له جذور في العقل الجمعي، وهذا لا يكون إلا بإدراج الرواية الفلسطينية في المناهج المدرسية والجامعية".
وأضاف المصري أن إعادة إنتاج الوعي الفلسطيني وتثبيته في أذهان الأجيال هو خط الدفاع الأول في معركة الوجود. واعتبر أن فلسطين لا تُحافَظ عليها بالشعارات، بل بالعقول المتشبعة بالهوية والتاريخ والكرامة، مشيرًا إلى أن الرواية الصهيونية لا تزال تتغلغل في مناهج كثير من الدول، بما فيها بعض المناهج العربية، في غياب واضح للرواية الفلسطينية.
ودعا المصري إلى تبني برنامج وطني لإعادة الاعتبار للفكر الفلسطيني التحرري، يكون جزءًا من خطة شاملة لإعادة بناء مؤسسات منظمة التحرير وتعزيز دورها في معركة الوعي والسيادة.
محمد الشلالدة: الصهيونية شكل من أشكال العنصرية وعلينا استعادة القرار 3379
من جانبه، تناول أ.د. محمد الشلالدة، أستاذ القانون الدولي ووزير العدل الفلسطيني السابق، البُعد القانوني في مواجهة الفكر الصهيوني، مؤكدًا أن القانون الدولي لا يزال يحتفظ بأدوات يمكن تسخيرها في هذه المواجهة.
وأشار إلى قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 3379 الصادر عام 1975، والذي اعتبر الصهيونية شكلاً من أشكال العنصرية والتمييز العنصري، وقال: "هذا القرار، رغم إلغائه عام 1991، لا يزال يمثل مرجعية معنوية وقانونية هامة، ويجب العمل على استعادته أو على الأقل استخدام مضامينه في المحافل الدولية".
وأكد أن المواجهة القانونية مع الاحتلال يجب أن تشمل تفعيل كافة الآليات القضائية والحقوقية، بما في ذلك المحكمة الجنائية الدولية، ومجالس حقوق الإنسان، والآليات التعاقدية للأمم المتحدة، مشددًا على ضرورة دعم مؤسسات المجتمع المدني في توثيق الانتهاكات والعمل مع شركاء دوليين.
صلاح الهودلية: الصهيونية فكرة زرعتها القوة الإمبريالية ونمت في حضن الرأسمالية العالمية
وفي قراءة فكرية عميقة، اعتبر د. صلاح الهودلية، المحاضر في جامعة القدس، أن الصهيونية ليست مجرد فكرة دينية أو قومية، بل هي مركّب استعماري متكامل، تم تصميمه ليتماشى مع المصالح الإمبريالية في المنطقة.
وقال: "الصهيونية ليست اسمًا ولا عَلَمًا، بل فكرة زرعها الاستعمار وسقاها المال الغربي، حتى نمت وكبرت وأثمرت على حساب الأرض والإنسان الفلسطيني". وأشار إلى أن هذا المشروع لم يكن لينجح لولا التحالف العضوي بين الرأسمالية العالمية والمؤسسة العسكرية الغربية، التي رعت "إسرائيل" كأداة استعمارية في قلب العالم العربي.
ودعا الهودلية إلى تفكيك هذه البنية الفكرية الاستعمارية، ومواجهتها بفكر تحرري فلسطيني قائم على قراءة الواقع والارتباط بالتاريخ وتجذير الحق في الوعي العالمي، مشددًا على أن المعركة الحقيقية اليوم هي "معركة وعي وهوية، لا تقل خطورة عن معركة الأرض".
النائب طلب الصانع قال ان استقلال اسرائيل هو نكبتنا التي تمت في العام 1948 ، موضحا ان اسرائيل منعت اقامة مسيرات العودة الى القرى المهجرة ، وهي الشاهد على الجريمة والنكبة وهي اكبر نكبة في التاريخ المعاصر حيث تم تهجير 60 % من الفلسطينيين وتدمير 531 مدينه وقرية .
واضاف الصانع ان 150 الف من الفلسطينيين الذين تمسكوا بارضهم في الداخل اصبح تعدلدهم اليوم مليون ومئتا الف نسمة ، موضحا ان الصراع على الرواية والتاريخ ، وان اسرائيل هي امتداد للمشروع الصهيوني ، وصياغة شرق اوسط جديد.
وقال رئيس جامعة القدس الدكتور حنا عبد النور ان هذه الندوة هي بداية سلسلة من الندوات تحضيرا لاعتراف مجموعة من الدول الغربية بدولة فلسطين ، واضاف عبد النور ان تشكيل الفكر الفلسطيني من اجل مواجهة الفكر الصهيوني ، هو مشروع ضخم بحاجة الى جهود جبارة ، وان جامعة القدس تتبنى هذا المشروع ، من اجل الوصول الى التحرر الفلسطيني والانعتاق من الاحتلال الغاشم .
وقال عبد النور ان تجارب القامات الوطنية الفلسطينية التي كان لها ادوار مختلفة من اجل اعلاء صوت الحق الفلسطيني ، تشكل قاعدة للمضي قدما لوضع اسس لمركز الفكر الفلسطيني في جامعة القدس .
السفير زياد المجالي ، اول سفير للاردن في فلسطين
وفي مداخلة للسفير الاردني الاسبق في فلسطين زياد المجالي اكد على اهمية ما ورد في المداخلات واخاصة التوعية المبكرة في المناهج من خلال عناصر تؤكد لهذا الجيل ما هو واقعه ومستقبله وقواعد هذا الصراع ، وانه يجب ان يعرف الجيل الجديد ما هو حقه ، والسرد التاريخي مهم جدا.
واضاف ان ما وصل اليه المتحدثون ان الصراع ليس ديني ، واليهودية ديانه وليست حركة سياسية ، ولا نريد ان نمزج الاسلام بالعمل السياسي ، لان الاسلام نظيف وطاهر والعمل السياسي يتطلب في بعض الاحيان والمراحل الرقص على الحبال ، في لغة المصالح ، في عالم متغير لا يفهم نظرية الحق.
وقال انه ستكون مرافعه للاردن امام محكمة العدل الدولية، والراي الاستشاري مع التراكم يكون مجموعه من المفاهيم ، ويجب ان يكون هناك اهتمام في هذه القضايا لان كل من يحمل هاتف موبايل هو وكالة انباء يمكنه ان يوصل للعالم، ويمكنه ان يؤثر على الراي العام في بريطانيا وامريكا وحتى داخل اسرائيل ـ هناك يهود ذاقوا ذرعا بالتحركات الصهيونية ، ويرون ان ما تقوم به اسرائيل لا يصب في مصلحة اسرائيل .
واكد المجالي على اهمية وجود منتدى عربي فلسطيني دولي ، وهو مهم جدا حتى لا تكون تلك الاثار الايجابية التي حصلت للاسف في غزة نتيجة الدم الفلسطيني الذي سال ويجب ان لا يذهب سدى، وانما يبنى عليها وتستغل لتغيير النسق التفكيري للشباب .
واضاف انه آن الاوان للعالم العربي ان يتحدث عن بعض العوامل التي يمكن ان تؤطر العلاقات البينية العربية، وكفانا تشرذما والتحصيل النهائي هو للشعب الفلسطيني الذي يواجه المؤامرة من خلال تحسين للعلاقات العربية ، والاردن دائما يطرح اهمية هذه العلاقات البينية
خاتمة وتوصيات:
وخلصت الندوة إلى ضرورة بلورة رؤية فلسطينية شاملة للمواجهة الفكرية والقانونية والسياسية مع المشروع الصهيوني، تشمل تطوير المناهج، دعم البحث الأكاديمي، وتوسيع التحالفات الثقافية والقانونية على المستوى الدولي، كما دعت إلى بناء استراتيجية وعي وطني تبدأ من المدرسة وتمتد إلى الفضاء الرقمي والإعلامي، لإعادة الاعتبار للرواية الفلسطينية كنقيض للفكر الاستعماري الإحلالي.